ماذا
يريد المجتمع من الشباب ، وما الذي يريده الشباب لأنفسهم . ثم ما هي درجات
ومظاهر الانسجام أو التناقض بين الطرفين ، وكيف يمكن تجاوزها كبوابة
للعبور صوب المستقبل ؟ .
تشكّل الأسئلة السابقة الهاجس الرئيسي للعلوم الاجتماعية والسوسيولوجيا منها على نحو خاص.
إذ
لم يعد من الممكن أو المستساغ تجاهل هذه الشريحة الاجتماعية التي تعد
بالملايين سواء فيما يتعلق بالمشكلات والقضايا التي تعانيها وتواجهها ، أو
ما يتصل بتطلعاتها وآمالها الواسعة صوب حياة أفضل .
وحيث
أن التعرف العلمي والمنظم على الواقع الاجتماعي وتشخيص ظواهره هو المقدمة
التي لا غنى عنها لفهمه وتفسيره ومواجهة ما يفرضه من استحقاقات واستجابات
آنية أو بعيدة المدى ، فإن هذه المسألة لا تكتمل دون العودة إلى أصحاب
الشأن ، أي الشباب أنفسهم لسماع آرائهم بكافة القضايا التي تعنيهم وإعطائهم
الفرصة للتعبير عن هواجسهم وتساؤلاتهم مع أخذ اقتراحاتهم من خلال
استطلاعات الرأي أو المقابلات المباشرة والحوار .
تهدف
هذه الدراسة إلى معرفة واقع الشباب ورصد جملة التحولات التي يعيشها الشباب
العربي ، مع التركيز على حالة سورية ، في طرق العيش وأساليب التفكير
والاهتمامات الجديدة وما ينجم عنها من تغيرات في السلوك والوعي دون أية
أقنعة أو رتوشات تجميلية ، أي الانطلاق مما هو عليه الحال فعلاً باتجاه
الأهداف التي يصوغها المجتمع لأبناءه لتحقيق مصالح الجميع .
يعيش
الشباب في العالم العربي مجموعة من التحولات في طرق العيش وأساليب التفكير
وأنماط السلوك يمكن توصيفها بأنها مرحلة انتقالية تنطوي على تداخل
التقليدي والحديث سواء على صعيد العلاقات الاجتماعية أو الثقافة و القيم
السائدة. فالتداخل بين المحلي والعالمي بفعل التأثير المتعاظم لثورة
الاتصالات والمعلومات قد انعكس على مختلف الشرائح الاجتماعية، إلا أن
الشباب وبحكم خصائصهم وتطلعاتهم وتأهيلهم العلمي كانوا أكثر تأثراً بهذه
التحولات وما نجم عنها من تأثيرات سلبية أو إيجابية على السواء.
وحيث
أن الشباب يشكلون قطاعاً واسعاً من السكان في العالم العربي، إذ تبلغ
نسبتهم 20.5% من إجمالي المجتمع فإن هذه البنية الديمغرافية النشطة والخصبة
هي ما يميز المجتمع العربي ويضفي أهمية إضافية على قطاع الشباب في
بلداننا. وقد أشارت الإحصاءات إلى أن
عدد الشباب العربي قد بلغ عام 2000 حوالي 58 مليون شاب من أصل 300 مليون نسمة(1). علماً بأن تقديرات أخرى تشير إلى أن الشباب يشكّلون حوالي ثلث السكان في العالم العربي(2).
ونظراً
لاختلاف وتعدد وجهات النظر الاجتماعية والقانونية في تعريف مفهوم الشباب
وتحديد السن والشخصية الشبابية من حيث النضوج والمسؤولية الاجتماعية
والقانونية، فإننا سنعتمد تعريف الأمم المتحدة المتفق عليه الذي حدد الشباب
بالفئة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق